نصير الدين همايون
السُلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم جَامِع السَلطَنات الحَقِيقِيّ وَالمَجَازِيّ أَبُو المُظفَّر ميرزا نصيرُ الدين بك مُحمَّد خان همايون پادشاه غازي بن مُحَمَّدْ بَابُرْ بن عُمر شيخ الگوركاني هو ثاني سلاطين دولة المغول الهندية الذين حكموا شبه القارة الهندية طيلة 300 عام، وقد حكم البلاد من سنة 937 هـ المُوافقة لِسنة 1531م إلى سنة 946 هـ المُوافقة لِسنة 1540م وفي فترة أخرى من سنة 962 هـ المُوافقة لِسنة 1555م إلى سنة 963 هـ المُوافقة لِسنة 1556م.
نصيرُ الدين همايون |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
وسائط متعددة في كومنز |
وُلد نصير الدين همايون سنة 913 هـ الموافقة لسنة 1508م لظهير الدين بابر سلطان دولة مغول الهند وأمَّا أُم نصير الدين همايون فهي ماهم بيگم. تولَّى همايون عرش السلطنة بعد وفاة أبيه وهو يبلغ من العمر تقريباً 22 سنة في يوم 9 جُمادى الأولى 937هـ المُوافق فيه 29 كانون الأوَّل (ديسمبر) 1530م. ورث همايون عن والده مُلكًا قام على الفتح والقهر، ولم يتمكَّن، خِلال مُدَّة حُكمه القصيرة، من تدعيم هذا المُلك، فترك لِخلفه دولةً مُفكَّكة الأوصال لا تتدعَّم إلَّا بِالقُوَّة، ولم يكن همايون من القُوَّة والذكاء بحيثُ يستطيع أن يُنجز ما لم يستطع أبوه إنجازه، بل إنَّهُ على العكس أضاف متاعب جديدة بِفعل لينه وتصرُّفاته المُتناقضة، كما ترك لهُ أبوه خزينة خاوية استنفذت هباته وعطاياه من أموالها أكثر مما استنفذتهُ حُروبه وغزواته. حرص همايون في بداية عهده على تنفيذ وصيَّة والده بابُر بِشأن تعيين إخوته حُكَّامًا على الأقاليم المُختلفة، وأبدى عطفًا شديدًا عليهم، وأحسن مُعاملتهم، ولكنهم لم يُبادلوه هذا العطف، ولم يكونوا معه، وظاهروه بِالعداوة، وطمع كُلٌ منهم في زيادة رُقعة بلاده، فازداد تفكُك الدولة ونشبت الحُرُوب الأهليَّة بينهم، وممَّا زاد الطين بلَّة تقاتل أقرباء همايون فيما بينهم ومُقاتلتهم همايون نفسه، بعد أن ملكوا عصب الحرب وأسلحتها بعد أن عيَّنهم بابُر أُمراءً في بلاطه.
كان من نتيجة تراخي همايون في كسب ود أُمراء والده ولينه وتناقُضاته وكرمه المُفرط وفُتُور همَّته في القضاء على أعدائه أن خسر عرشه لِصالح شير شاه الأفغاني بعد معركةٍ كادت أن تودي بِحياته، فاضطرَّ أن يخرج من الهند كُلُّها والتجأ إلى الدولة الصفويَّة في إيران، فاحتمى بِالشَّاه طهماسب الأوَّل الذي أكرمه وأحسن ضيافته، تاركًا حُكم الهند لِلأفغان، وبِذلك ذهبت كُل الجُهُود التي بذلها أبوه بابُر في فُتُوحه أدراج الرياح. عاد همايون إلى الهند بعد 15 سنة من مُكوثه في المنفى، فاسترجع عرشه بِمُساعدة بعض الأُمراء المُخلصين له مُستغلًا الانقسامات في صُفوف خُلفاء شير شاه وثورات الناس ضدَّهم، لكنَّهُ لم يهنأ بانتصاراته مُدَّة طويلة، فقد التوت قدمه وهو ينزل سلالم مكتبته فوقع مُغشيًا عليه، ولم يلبث أن أسلم الروح نتيجة إصابته، وكان في الحادية والخمسين من عُمره. تأثَّر همايون تأثرًا كبيرًا بِالثقافة والفُنُون الفارسيَّة أثناء إقامته في إيران، فاقتبس الكثير من تلك الحرفيَّات ومن أنماط العمارة والنقش ونقلها معهُ إلى الهند. وعلى الرُغم من أنَّ همايون لم يكن حاكمًا مثاليًّا من الجهة السياسيَّة، إلَّا أنَّ صفاته الشخصيَّة وميله إلى المُسالمة والتديُّن والصبر واللين والكرم جعل الناس في الهند، وبالأخص المغول، يُلقبونه «الإنسان الكامل». بعد وفاته خلفه ابنه جلال الدين أكبر على عرش المغول.
اقتباسات
عدل- على لسانة
- حقًا إنَّ سُليمان القانوني، يستحق أن يُسمَّى الپادشاه الوحيد على وجه المعمورة.
- مُقتبسة من كتاب «Pan-Islamism: Indian Muslims, the Ottomans and Britain, 1877-1924» إصدرا سنة 1997م، تأليف عزمي أوزجان. والمقولة هذه قالها همايون أثناء حديثه مع أمير البحار العُثماني سيدي علي ريِّس.
- قيل عنه
- «لم يكن همايون دون أسلافه التيموريين في الشجاعة والجرأة، فقد شارك أباه أغلب حروبه وترسم خطاه في التجمل بالصبر واحتمال الشدائد، فلم يفارقه جَلَدُه وثباته طيلة محنة المنفى، التي بلغت خمسة عشر عامًا، لولا ما كان يداخله من الغرور وينقصه من مضاء الغزم الذي قعد به في الغالب عن المضي في مطاردة أعدائه والإجهاز عليهم، فكان يقنع بأول ضربة ينزلها بهم ولا يزيد. كذلك عُرف عن همايون شغفه، كأبيه وأجداده، بالفنون والعلوم والآداب. وقد ترك فيما ترك، مكتبة عامرة بالمؤلفات القيمة لا يزال بناؤها قائمًا بدهلي حتى اليوم. ولولا المنية التي عاجلته لأتمّ بناء المرصد الذي كان قد شرع في إقامته هناك. ومن أسف أنه ورث عن أبيه عادة تعاطي المعجون (الأفيون) الذي بكّر بنهاية الأب وهدّ من كيان الابن».
- الدكتور أحمد محمود الساداتي، «تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية وحضارتهم».
- «كان يعرف اللغة التركية والفارسية شاعرًا عالمًا بالهيئة والهندسة والنجوم، وتبحر في علم الأسطرلاب، وكان على العموم بارعًا في العلوم الرياضية، شغوفًا بالكتب ومطالعتها، محبًا لصحبة العلماء. ذا دين وحلم، فكان يحافظ على الوضوء، ويكره أن يسمي الله على غير وضوء... وكان دائمًا يغلبه حلمه على غضبه، فيعفو عمن أساء إليه، ولا سيما إخوته، ولعل هذا الحلم هو الذي أطمعهم فيه، وجر عليه الكوارث منهم. ولم يكن همايون مثل أبيه في الشجاعة والصبر والجلد ولذا لقي كثيرًا من المتاعب بعد موت أبيه، لأن لم يكن يقضي على خصومه ويحاربهم حتى النهاية، بل كان يحارب هنا، ثم إذا لاحت له مبادئ النصر أسرع إلى مكان آخر، ولعله كان مضطرًا إلى ذلك لكثرة الخارجين عليه في كل مكان.. ولكن همايون حمل من الأعباء مالم يحمله غيره، ولقي في أيامه مالم يلقه ملك. وإذا كان بابر يعد مؤسس الدولة المغولية في الهند فإن همايون يعتبر المؤسس الثاني لها بعد أن استعاد ملكه فيها».
- صاحب كتاب «تاريخ فرشته»
- همايون أسوأ أباطرة المغول حظًا.
- مقولة للصحفي محمد هاني عطوي، من مقالٍ في جريدة الخليج الإماراتيَّة.
- «كان همايون ملكًا فاضلًا، له اليد الطولى في العلوم الرياضية وكان شغوفًا بالعلم، دائم الصحبة للعلماء وأهل الفضل، وكان يحافظ على الوضوء ويكره أن يسمى الله على غير وضوء، ونسبه بعض المؤرخين إلى التشيع، ونفاه آخرون وذكروا أنه كان سني العقيدة حنفي المذهب مجتنبًا عن المناهي. وكان لا يقل عن أبيه في الشجاعة والكفاءة ولكنه كان دونه في الجلادة وتحمل المشاق».
- عبد الحي بن فخر الدين بن عبد العلي الحسني الطالبي، نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر، المُسمَّى بِـ«الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام».