شهاب الدين شاهجهان
السُّلطَانُ الأَعظَم والخَاقَانُ المُكرَّم شَاهِنشَاهِ السَّلْطَنَةِ الْهِنْدِيَّةِ والمَغُولِيَّةِ أَبُو الْمُظَفَّرِ صَاحِبقِرَان شِهَابُ الدِّينِ خُرَّم مُحمَّد شَاهجِهَان پَادِشَاه غَازِي بن مُحمَّد جِهَانكِير بن مُحمَّد أكبر الگوركاني (21 ربيع الأوَّل 1000هـ - 17 رجب 1076هـ المُوافق فيه 5 كانون الثاني (يناير) 1592م - 22 كانون الثاني (يناير) 1666م) المعروف اختصارًا بِـ«شاهجهان» أو «شاه جهان» أو «شاه جهان أعظم»، هو خامس سلاطين مغول الهند، وقد حكم بلاد آبائه من سنة 1073هـ المُوافقة لِسنة 1628م إلى سنة 1068هـ المُوافقة لِسنة 1658م. لقَّبه والده بِـ«شاهجهان» أي «ملك العالم» بِالفارسيَّة، وذلك لقاء كفائته العسكريَّة وحملاته الناجحة التي قام بها على بلاد الدكن، وسمح لهُ أن يكون الرّجُل الوحيد الذي يجلس في حضرته. لكن رُغم ذلك، شابت علاقة شاهجهان بِوالده جهانكير بضعة شوائب خِلال السنوات الأخيرة من عهد الأخير، وذلك بِفعل تدخُّل زوجة أبيه نورجهان في الحياة السياسيَّة، وعملها على إقصاء شاهجهان عن ولاية العهد وتنصيب أخيه الضعيف شهريار بدلًا منه، لكنَّ ذلك لم يُجدِ نفعًا، إذ تمكَّن شاهجهان من اعتلاء عرش المغول بُعيد وفاة أبيه، وأزاح شقيقه ومن نافسه من أعضاء البيت التيموري، بِدعمٍ من الساسة والجيش، وعفى عن كُل من تآمر ضدَّه.
شهاب الدين شاهجهان |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
وسائط متعددة في كومنز |
أعماله في Cervantes Virtual |
واجه شاهجهان بعض المصاعب والاضطرابات في بداية عهده، لكنَّهُ تمكَّن من تذليل أغلبها، وشرع يُمكِّن دعائم دولة آبائه، فأبطل الكثير من البدع التي أدخلها جدِّه جلال الدين أكبر واستمرَّ بعضها خلال عهد والده جهانكير، وأثارت سخط المُجتمع الإسلامي في الهند، كما أجرى الكثير من الإصلاحات الإداريَّة، وشجَّع العُلُوم والآداب والفُنُون، ومكَّن رابطة رعيَّته بِالإسلام، فازدهرت دولته وبلغت شأنًا عظيمًا من الرُقي والتقدُّم، حتَّى عُدَّ عهده العصر الذهبي لِسلطنة مغول الهند. وكان شاهجهان مُتدينًا مُتمسكًا بِالعقيدة والشعيرة السُنيَّة، فانعكس ذلك سلبًا على علاقته مع الصفويين، في حين انعكس إيجابًا على علاقته مع العُثمانيين، كما اشتهر بالحزم الشديد مع رجاله وعُمَّاله على الأمصار، وبِسهره على مصالح رعيَّته وحرصه على تحقيق العدل وإنزال العقاب بِمن يُلحقُ الضُرَّ بهم.
من أبرز الأُمُور التي اشتهر بها شاهجهان في وسط العامَّة: شغفه وهيامه الكبيرين بِزوجته أرجمند بانو بيگم، التي لقَّبها «مُمتاز محل»، وحُبِّه الكبير لِلعمارة، بحيثُ شاد روائع مُعماريَّة عديدة، أصبح بعضها من أبرز المعالم المعماريَّة الإسلاميَّة في العالم، ومن الرُمُوز التاريخيَّة والثقافيَّة لِلهند، ومنها على سبيل المثال: الحصن الأحمر والمسجد الجامع لِمدينة تھتة وضريح تاج محل، الذي بُني خصيصًا لتُدفن فيه مُمتاز محل التي تُوفيت وهي بعدُ شابَّة. أواخر عهده، أُصيب شاهجهان بِمرضٍ أقعده، فعجز عن مُباشرة الحُكم بِنفسه، فتصارع أبنائه على العرش، وكانت الغلبة في نهاية المطاف لِأورنكزيب، الذي كان أقدرهم دون مُنازع، فحجر على والده في قلعة أغرة وأحاطه بِمظاهر التكريم، وبقي شاهجهان مريضًا في حجره إلى أن أدركه الموت يوم 17 رجب 1076هـ المُوافق فيه 22 كانون الثاني (يناير) 1666م.
اقتباسات
عدل
«هذا ما يُميِّزُنا: عملنا المعماري الذي يتحدث لُغةً لا لُبس فيها.»
- مقولة منسوبة لِشاهجهان عند كلامه عن تفرُّد عهده عن عُهُود آبائه.[1]
قيل عنه
عدل- أحمد محمود الساداتي، مُؤرِّخ مصري مُعاصر.[2]
«زاد من قدر هذا الأمير عند أبيه ما أظهره من مقدرةٍ وكفاءةٍ في حرب الراجپوتيين عند مِوار، وما أبداه من حنكةٍ ودرايةٍ حين أرغم ملك عنبر الحبشي على قبول شُرُوطه بعد ما أنزله من الهزائم المُتكررة بِقُوَّات الدولة، فأنعم عليه بِلقب شاهجهان، وعهد إليه بِإدارة حُكُومة الدكن»
- طوماس رو، السفير الإنگليزي في بلاط مغول الهند.[3]
«لم أَرَ شخصيَّةً أثبت ولا أشدُّ رزانةً من شخصيَّته، وكان دائمًا عبس الوجه، ولم يُشاهد مرَّة مُبتسمًا، ولم يكن من المُستطاع قراءة وجهه»
- سيِّد هاشمي، مُؤرِّخ مُسلم هندي.[4]
«إنَّ الملك كان شديد العطف على رعاياه كما يحنو الأب على أبنائه… وكان الملك مشهورًا بِكرمه وكثرة عطاياه، وأكبر دليل على رفاهيَّة الشعب وغناء الدولة في عهده، أنَّهُ بعد أن أنفق كُل هذه النفقات في المباني وفي إقامة عرش الطاووس من الذهب الذي تكلَّف عشرات الملايين من الروپيَّات، وجد في خزائنه بعد وفاته 24 كرور روپية أي 240 مليون روپية، وكان الذهب والفضَّة والجواهر التي تركها تُساوي 15 كرور روپية أي 150 مليون روپية، ممَّا يدُل على أنَّهُ لم يكن مُحتاجًا إلى زيادة الضرائب على رعاياه حتَّى يُجابه النفقات الكثيرة التي يُنفقها»
مراجع
عدل- ↑ Luisa Mozzati, Islam, Gruppo Editoriale L'Espresso, Pubblicato su licenza Electa, Milano, Roma, 2008, p. 368.
- ↑ الساداتي، أحمد محمود (1957). تاريخ المُسلمين في شبه القارَّة الهنديَّة وحضارتهم (PDF). الجزء الثاني. القاهرة: مكتبة الآداب. صفحة 187. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 12 يوليو 2019.
- ↑ النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 317. اطلع عليه بتاريخ 18 مايو (أيار) 2020م.
- ↑ النمر، عبد المنعم (1401هـ - 1981م). تاريخ الإسلام في الهند (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المُؤسسة الجامعيَّة لِلدراسات والنشر والتوزيع. صفحة 334 - 335. اطلع عليه بتاريخ 18 مايو (أيار) 2020م.