بايزيد الثاني
الملكُ الوَلِيّ والسُلطان الغازي ضياءُ الدين وعون الغُزاة والمُجاهدين أبو النصر بايزيد خان الثاني بن مُحمَّد بن مُراد العُثماني (بالتُركيَّة العُثمانيَّة: الملكُ الوَلىّ غازى سُلطان بايزيد خان ثانى بن مُحمَّد بن مُراد عُثمانى؛ وبالتُركيَّة المُعاصرة: Sultan II. Bayezid Han ben Fatih Sultan Mehmed)، ويُعرف اختصارًا باسم بايزيد الثاني، وبِلقبه بايزيد الوليّ أو بايزيد الصُّوفيّ، هو ثامن سلاطين آل عُثمان وسادس من تلقَّب بِلقب سُلطانٍ بينهم بعد والده مُحمَّد الفاتح وأجداده من مُراد الثاني إلى مُرادٍ الأوَّل، وثالث من لُقِّب بِالـ«ثاني» من سلاطين آل عُثمان، وثاني من حمل لقب «قيصر الروم» من الحُكَّام المُسلمين عُمومًا والسلاطين العُثمانيين خُصوصًا بعد والده الفاتح. والدته هي أمينة گُلبهار خاتون، وكان مولده سنة 851هـ المُوافقة لِسنة 1447م، وهو بِكر أولاد السُلطان مُحمَّد الفاتح، وخلفهُ على عرش آل عُثمان بعد وفاته سنة 886هـ المُوافقة لِسنة 1481م.[1]
بايزيد الثاني |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
وسائط متعددة في كومنز |
أعماله في ويكي مصدر |
كان السُلطان بايزيد الثاني ميَّالًا لِلسِّلم أكثر منهُ إلى الحرب، مُحبًّا لِلعُلُوم والآداب مُشتغلًا بها، ولِذلك سمَّاهُ بعض المُؤرخين العُثمانيين «بايزيد الصُّوفيّ». لكن دعتهُ سياسة الدولة والمُستجدَّات الخارجيَّة الخطيرة التي ظهرت في أيَّامه إلى ترك أشغاله السلميَّة المحضة والاشتغال بِالحرب، وكانت أوَّل حُرُوبه داخليَّة، ذلك أنَّ أخاه جَمًّا أشهر العصيان في وجهه وحاول بدايةً ادعاء الأحقيَّة لِنفسه بِالعرش، ولمَّا فشل في ذلك عرض على أخيه اقتسام الدولة بينهما، فيختصُّ جَمّ بِالبلاد الآسيويَّة وبايزيد بِالبلاد الأوروپيَّة، فلم يقبل بايزيد، بل حارب أخاه وقهره حتَّى أجبره إلى الالتجاء لِلدولة المملوكيَّة، وقد عاد جَمّ فيما بعد إلى الأناضول وحاول مُجددًا التربُّع على العرش فهُزم مرَّة أُخرى، واضطرَّ إلى الهُرُوب مُجددًا وعاش بقيَّة حياته منفيًّا في أوروپَّا الغربيَّة.[1][2] ولم تحدث في عهد هذا السُلطان فُتُوحاتٌ ذات أهميَّة كبيرة في أوروپَّا، بل اقتصرت نشاطاته العسكريَّة على المناطق الحُدُوديَّة لِصدِّ الاعتداءات الخارجيَّة، فلم تتوسَّع الدولة بِشكلٍ كبير. شهد عهد بايزيد الثاني أيضًا سُقُوط الأندلُس وخُرُوجها من أيدي المُسلمين بِدُخُول الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلَّا مدينة غرناطة، آخر معاقل الإسلام في البلاد الأندلُسيَّة. وقد استنجد المُسلمون الأندلُسيُّون بِالسُلطان العُثماني ونظيره المملوكي لِتخليصهم ممَّا هُم فيه، فأرسل بايزيد أساطيله لِحمل المُسلمين واليهود الهاربين من الاضطهاد والقتل إلى البلاد الإسلاميَّة المُجاورة، بما فيها الأراضي العُثمانيَّة. خلفه ابنه سليم الأول.
اقتباسات
عدل
«لِأَنَّ الدَّوْلَةَ قِسْمَتُنَا مِنْ يَوْمِ الْأَزَل. لِمَاذَا لَا تُطَأطِئ بِرَأْسِك لِلْقَدْرِ؟ حَظِيتَ بِلَقَبِ حَاجِّ الْحَرَمَيْنِ، فَلِمَاذَا تَسْأَلُ عَنْ سُلْطَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ؟»
- شعرٌ مُعرَّب، كتبه إلى شقيقه جَمّ سُلطان يرُدُّ به على رسالةٍ سابقةٍ أرسلها يشتكي من تسلطن بايزيد وعيشه هو بالمنفى.[3]
«كَيْفَ يَجْرُأُون عَلَى اِعْتِبَارِ فِرَانْدُه مَلِكًا حَكِيمًا وَقَدْ أَفْقَرَ بِلَادُهُ وَأَثْرَى بِلَادِي!»
- مُتحدثًا عن الملك الكاثوليكي فرديناند الثاني حينما طرد اليهود والمُسلمين من الأندلس رُغم تفوُّقهم العلمي والحضاري على الممالك النصرانيَّة، مُنتقدًا إيَّاه بأنَّهُ أثرى الدولة العُثمانيَّة وأفقر بلاده جرَّاء هذا العمل.[4]
«أيُّها الشَّاب قليل التجربة، اسمع نصيحة من والد، ولا تُرق دم المُسلمين من أجل قُبُول مذهبك الجديد، ولا تُغفل الوعيد القائل: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدًا فِيهَا﴾، واجعل طريقة أجدادك العظام أنار الله بُرهانهم منهجًا لك. وإرسال جلد شيبك خان لا يُخيفُ سلاطين العُثمانيين الشُجعان»
- رسالةٌ وجَّهها إلى الشاه إسماعيل الصفوي بعدما أرسل إليه الأخير جلد الأمير الأوزبكي مُحمَّد شيباني خان محشُوًّا بِالقش على سبيل التهديد.[5]
«إِنَّ هَذِهِ قَضِيَّةُ الْإِسْلَامِ الْمُشْتَرَكَةِ ضِدّ الْكَفَرَة»
- كلامٌ قاله حينما رفض أن يدفع له المماليك ثمن الذخائر والعتاد والموارد التي أرسلها لِبناء أُسطُولٍ لِلمماليك كي يتمكنوا من الوُقُوف بِوجه الپُرتُغاليين.[6]
«السَّيْفَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قِرَابٍ وَاحِدٍ»
- عبارة قالها لِابنة سليم حينما أصرَّ الأخير على بقاء والده بجانبه في العاصمة إسلامبول.[7]
قيل عنه
عدل- أحمد بن يُوسُف القرماني، مُؤرِّخ مُسلم عُثماني.[8]
...وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ السَّلَاطِين الْعُظَمَاء. تَفَرَّع مِنْ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، وَتَزَيَّنْت بِاسْمِه رُؤُوس الْمَنَابِر، وَتَوَشَّحَت بِذِكْرِه صُدُورُ الْمَنَائِر |
- مُصطفى علي بن أحمد بن عبد المولى الگليپوللي، مُؤرِّخ مُسلم عُثماني.[9]
كَانَ يُحِبُّ اللَّهْوِ فِي شَبَابِهِ، وَلَكِنَّه نَتِيجَة التَّنْبِيهَات وَلَا سِيَّمَا مِنْ قِبَلِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ يَوْسِي - وَالِد أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي - وَإِرشَادِهِ لَهُ فَقَدْ نَذَرَ نَفْسِه لِلْعِبَادَةِ وَالتَّقْوَى |
- ابن إياس، مُؤرِّخ مُسلم مملوكي.[10]
وَقَد حَزِنُوا عَلَيْهِ النَّاسُ فَإِنَّهُ كَانَ قَامِعًا لِلِفرَنْجِ لَا يَفْتُرُ عَنْ الْجِهَادِ فِيهِم لِيْلَّا نَهَارًا، وَكَانَ بِهِ نَفَعٌ لِلْمُسْلِمِين |
- أندراوس گريتي، السفير البُندُقي لدى الدولة العُثمانيَّة (دوق البُندُقيَّة لاحقًا).[11]
قَامَتُهُ أَطْوَلُ مِنَ الْمُتَوَسِّطَةِ... لَا يَتَعَاطَى الشَّرَابَ أَبَدًا، كَانَ يُشْرِبُ فِي شَبَابِهِ ثُمَّ تَابَ بِضَغْطٍ مِنْ أَبِيهِ، يَأْكَلُ قَلِيلًا، يُسَرُّ جِدًّا لِرُكوبِ الْخَيْلِ... أَحُبُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ الصَّيْدَ وَرِيَاضَةَ الْفُرُوسِيَّةِ. يُعْظِمُ الشَّعَائِرَ الدِّينِيَّةِ وَيَتَصَدَّقُ كَثِيرًا، يَهْتِمُ بِالْفَلْسَفَةِ وَعُلُومِ الْفَلَكِ... وَعَدَا الْوَقْتِ الَّذِي يَقْضِيهِ فِي الْاِطِّلَاعِ، فَإِنَّهُ يُخَصِّصُ وَقْتًا طَوِيلًا لِلْاِهْتِمَامِ بِأُمُورِ إِصْلَاحِ جَيْشِهِ وَتَنْسِيقِهِ وَتَنْمِيَتِهِ... زَادَ عَدَدُ الإِنْكِشَارِيَّةِ، جَهَّزَ جَيْشَهُ بِالْأسْلِحَةِ الْحَديثَةِ وَالنَّارِيَّةِ، أَجَرَى إِصْلَاحًا جِذْرِيَّا خَاصَّةً بِالنِّسْبَةِ لِلْمِدْفَعِيَّيْنِ وَنَقْلَةِ الْمُدَافِعِ. يُتَابِعُ هَذِهِ الْأَعْمَالَ بِدِقَّةٍ. خَيَّالَتُهُ وَأُسْطولُهُ هُمَا الْلَذَانِ حَقَّقَا الْأَحْدَاثَ الْخَارِقَةُ الَّتِي شَهِدْنَاهَا، فَقَدْ نَظَّمَهَا بِشَكْلٍ تَسْتَطِيعَ بِهِ التَّجَمُّعَ وَالْاِحْتِشَادَ بِسُرْعَةٍ |
- شمسُ الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور البكري، مُؤرِّخ مُسلم مصري عُثماني.[12]
وَكَانَ يُصْرِفُ جَمِيعَ أَوْقَاتِهِ فِي تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَالْعِبَادَةِ وَالدَّرْس، وَيُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِالْجَمَاعَة. وَكَان كَرِيمَ النَّفْسِ، طَيَّبَ الْأَخْلَاق، مُخْتَشِعًا مُتَوَاضِعًا، يُبَجِّلُ الصَّغِيرَ كَمَا يُوَقِّرَ الْكَبِيرَ. وَكَان لِسَانُه طَاهِرًا لَا يُذْكَرُ أَحَدًا بِسُوء. وَكَانَت أَنْوَارُ الْعِبَادَةِ تَتَلأْلأُ فِي صَفَحَاتِ وَجْهَهِ الْمُبَارَك |
مراجع
عدل- ↑ 1٫0 1٫1 فريد بك، مُحمَّد؛ تحقيق: الدُكتور إحسان حقّي ([1427هـ - 2006م). تاريخ الدولة العليَّة العُثمانيَّة (الطبعة العاشرة). بيروت - لُبنان: دار النفائس. صفحة 179 - 181. تمت أرشفته من الأصل (pdf) في 9 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 28 نيسان (أبريل) 2019م.
- ↑ الألباني، لُطفي باشا بن عبد المُعين؛ ترجمة: مُحمَّد عبد العاطي مُحمَّد (2019). تواريخ آل عُثمان (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر: دار البشير لِلثقافة والعُلُوم. صفحة 228 - 229. ISBN 9789772786220. تمت أرشفته من الأصل في 7 أغسطس 2020.
- ↑ أرمغان، مُصطفى؛ ترجمة: مُصطفى حمزة (1435هـ - 2014م). التَّاريخ السرّي للإمبراطوريَّة العُثمانيَّة: جوانب غير معروفة من حياة سلاطين بني عُثمان (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للعُلوم ناشرون. صفحة 55. ISBN 9786140111226.
- ↑ The Jewish Encyclopedia: a descriptive record of the history, religion, literature, and customs of the Jewish people from the earliest times to the present day, Vol.2 Isidore Singer, Cyrus Adler, Funk and Wagnalls, 1912 p.460
- ↑ جُمُعة، بديع؛ الخولي، أحمد (1976). تاريخ الصفويين وحضارتهم. الجُزء الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: دار الرائد العربي. صفحة 76.
- ↑ محمود، جمال كمال (2019). البحر الأحمر في الاستراتيجيا العُثمانيَّة (1517-1801) (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. صفحة 35. ISBN 9786144452738.
- ↑ القرماني، أحمد بن يُوسُف (1282هـ). أخبار الدُول وآثار الأُول في التاريخ (PDF). بغداد: مطبعة الميرزا عبَّاس التبريزي. صفحة 313 - 314. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
- ↑ القرماني، أحمد بن يُوسُف (1282هـ). أخبار الدُول وآثار الأُول في التاريخ (PDF). بغداد: مطبعة الميرزا عبَّاس التبريزي. صفحة 37 - 42. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م. اطلع عليه بتاريخ 24 كانون الأوَّل (ديسمبر) 2019م.
- ↑ آق كوندز، أحمد؛ أوزتورك، سعيد (2008). الدولة العُثمانيَّة المجهولة، 303 سُؤال وجواب تُوضح حقائق غائبة عن الدولة العُثمانيَّة (PDF). إسطنبول - تُركيَّا: وقف البُحُوث العُثمانيَّة. صفحة 198 - 199. ISBN 9789757268390. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 2020-03-19. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
- ↑ ابن إيَّاس، أبو البركات زين العابدين مُحمَّد بن أحمد الحنفي الناصري القاهري (1404هـ - 1984م). بدائع الزُهُور في وقائع الدُهُور (PDF). الجُزء الرابع. القاهرة - مصر: الهيئة المصريَّة العامَّة لِلكتاب. صفحة 270. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 18 سبتمبر 2020.
- ↑ أوزتونا، يلماز؛ ترجمة: عدنان محمود سلمان (1431هـ - 2010م). موسوعة تاريخ الإمبراطوريَّة العُثمانيَّة السياسي والعسكري والحضاري (PDF). المُجلَّد الأوَّل (الطبعة الأولى). بيروت - لُبنان: الدار العربيَّة للموسوعات. صفحة 211 - 213. تمت أرشفته من الأصل (PDF) في 1 مايو 2019. اطلع عليه بتاريخ 1 أيَّار (مايو) 2019م.
- ↑ البكري، شمسُ الدين مُحمَّد بن أبي السُرُور؛ تقديم وتحقيق وتعليق: الدكتورة ليلى الصبَّاغ (1415هـ - 1995م). المنح الرحمانيَّة في الدولة العُثمانيَّة وذيلة اللَّطائف الربَّانيَّة على المنح الرحمانيَّة (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا: دار البشائر لِلطباعة والنشر والتوزيع. صفحة 62.