ميخائيل ليرمنتوف
ميخائيل يوريفيتش ليرمنتوف (بالروسية: Михаи́л Ю́рьевич Ле́рмонтов) (وُلد في 15 أكتوبر 1814 وتوفي في 27 يوليو 1841) روائي وأديب روسي رومانتيكي يُدعى أحياناً "شاعر القوقاز". أحد أهم الشعراء الروس بعد وفاة ألكساندر بوشكين.
أشهر قصائده
عدل- النبيّ :
- منذ أن وهبني الربّ الخالد
- بصيرة النبي،
- وأنا أطالع
- الحقد والرذيلة في عيون البشر
- كنت أدعو إلى المحبّة
- ومنت أنشر تعاليم الحق النقية:
- ولكن،
- راح كل قريب، يرشقني مسعورا، بالحجر
- لطّخت رأسي بالرماد
- وهربت بائسا من مدن البشر
- وها أنا ذا
- أعيش في الصحراء
- كما الطير،
- يطعمني الربّ
- احفظ الوصية الخالدة،
- المخلوقات الدنيوية هناك
- تخضع لي
- والنجوم, وهي تلعب بالأشعة بفرح,
- طوع أمري…
- مررت يوما بمدينة،
- وكنت أهمّ أن أعبرها على عجل
- لم يكن لي فيها مأرب
- بدأ الصبية يهمسون :
- انظروا, هذا عبرة لكم !
- لقد كان متغطرسا ( متكبرّا ) على البشر
- ولم يألف مضاربنا
- كان أحمق
- وكان يزعم أنّ الله يصدع كالطير على لسانه
- انظروا إليه يا أطفال
- كانوا يقولون…
- انظروا كيف يبدو
- مقطّب الوجه, نحيل العود, شاحبا
- انظروا كيف يزدريه الناس
- وتمعّنوا كلّ هذا البؤس فيه.
- طرب الحروف :
هيّ دوما هكذا,
تعزف الأنغام الرائعة,
ثمّ تذوب.
مثل قبلة على الشفاه الدافئة, تذوب.
بعيونها,
كما عيون إله…
تتابعها السماوات:
لاعبات…
مرحات…
وإذا سارت بعيدا,
تتبعها الحركات
وإذا يوما حكت,
تتلقفها الكلمات.
أيّ أنغام غجر,
ملئت شتى الأحاسيس بأحلى الصور.
- وهم الحياة :
سنظل نشرب من نبع الحياة
وعيوننا مغمضة.
وسنظل نسقي أوراق الذهب
بكلّ ما لدينا من دموع.
وقبيل الموت نصحو فجأة,
وينزاح القناع
ونفتح عيوننا، فإذا الكلّ وهم.
حتى ذاك الذي كان من هنيهة يبهرنا.
وهما ستراها
تلك الأجمّة المذهّبة
وهما كبيرا، ثمّ فراغا
وسيبدو لنا عبثا
كلّ ما شربناه على نخبها من كؤوس
آه …هذه الدنيا، ليست لنا.
- غيوم السّماء:
شريدة مثلي
ومطاردة مدى الدّهر
تلك الغيوم الداكنة.
هاهي ذي ترتفع
وتجوب السهل والأزرق
عند جبال الؤلؤ تلك،
تودّع ذاك الشمال الحبيب
وتشدّ صوب الجنوب الرحال.
أيّ قدر تراه يطاردها ؟
هل كان كرها
أم كان حقدا دفينا ؟
أكانت جريمة النّفس
أم سموما وافتراءات
تناقلتها ألسن الأصدقاء؟
من أين لكم ما تدّعون من ألم
وليس بينكم من عرف يوما،
ذاك الحنين للحقول القاحلة؟
من أين لكم ما تدّعون
وكيف تستأنسكم الأحلام؟
أبدا، لن أصدّقكم
ستبقون أحرارا ولكن باردين
ستبقون كما أنتم
ما دمتم عرفتم الوطن
ولم تعرفوا طعم الرحيل ( المنفى ).
- الشراع :
عند زرقة البحر في قلب الضباب..
يلوح بياض خيال الشراع الوحيد
عما تراه يفتـّش في البلد المستقرّ البعيد؟
وفي الوطن ما هوّ أبقى؟
يعبث الموج بالموج ، وتئزّ الريــاحْ
يترنّح الساري يمينا وشمالا
لكأنه لا يبالي
لكأنه لم ينشد يوما سعادة
لكأنه لم يهجر مرّة بإرادة
تعوي الرّيح تحته
وحواليه تهتزّ الدّنيا صاخبة
جفّ نور الشمس,
وكان بالأمس في لون الذهب
ولكنّه ما زال هناك.
جبّارا وعنيدا
تتقاذفه الأمواج فينتشي أكثر
ترجّه الرّياح العواتي فيتألّق مزهوّا
الله..
ما أروعه, وهو في قلب العواصف الهائجة
- موت شاعر :
مَاتَ الشَّاعر !
سَقَطَ شهيداً
أسيراً للشرفِ
الرصاصُ في صدرِه يَصرُخُ للانتقام
والرأسُ الشَّامِخُ انحنى في النهاية
مَات !
فَاضَت رُوحُه بالألَمِ من الافتِراءات الحًقيرة
حَتَّى الانفِجَار ..
وَقَفَ وحيداً في المواجهة وها قد قُتل!
قُتِل!
فَكُلُّ نُوَاحٍ الآن عَقيم
وَفَارِغةٌ تَراتِيلُ الإطرَاء
وَهَمهَمَات الأسَى الكَسِيح
ونحنُ نُحملقُ في إرادةِ الموت !
وَبَعد – فهل أنَتُم أبرِيَاء
يَا مَن حَاصرتُم في قَسوةَ
مَوهِبتَهَ الحُرَّةَ الشُّجَاعة ؟
يَا من نَفَختُم في الَّلهَب الخَامِد
حَتَّى فَورة الغَضَبِ المُفَاجِيء
فَلتَبتَهَجُوا إذَن
فَلَقَد كانَ صَفَاءُ الألَمِ فَوقَ طَاقَةِ الاحتِمَال
وَاشهَدُوا الآن
أنَّ قندِيلَ العَبقَرِيةِ انطَفَأ
وإكليل الغَارِ عَلى جَبهَتِه يَذوِي
لَم يعرف القَاتِلُ التَّردُّد
وَهَو يُصَوبُ في بُرُود ...
لا طَلقَةٌ واحدةٌ أخطَأَت القَلب
وَلا وَحي مُنقِذٌ أَرعَش البُندُقِية في اليدِ الوَحشِيَّة
كَيفَ استَطَاعَ هَذَا اللاجِئُ الوَضِيعُ الانتِهَازِي
الأَدَاةَ الخَسِيسَة العَميَاء،
أَن يَحتَقِرَ أَرضَنَا هَكَذَا
وَيَسخَرَ، في عَجرَفَته، من لُغَتِهَا وتَقَالِيدِهَا الأَصِيلَة
وَ لا يَستثنِي مَفخَرَتَها الكُبرى
فَيَتَمَهَّل لِيَتَسَاءَلَ ضِدَّ مَن رَفَعَ يَدَه !
قُتِل
مَاتَ وارتَحَل
مِثلَ ذَلِكَ الشَّاعِرِ الرِقيقِ القَلبِ المَغمُور
وَالَّذي أَنشَدَ فيه قَصَائِدَ رَائِعة
مَن مِثلَه بِيَدٍ قَاسِيَة خَرِبَة
سَقطَ ضَحِيَّةَ الغِيرَة العَميَاء
لماذَا غَادَرَ صَدَاقَاتِه وَتَأمُّلَاتِه الآمِنَة
إلى عَالَم مَن الحَسَدِ الخانِق
لِقَلبٍ عَشِقَ الحُرِّيَّةَ واشتَعَلَ بالحُب ؟
لِمَاذَا أَسلَمَ يَدَيه لِلوُشَاةِ التَّافِهين ؟
لمِاذَا استَسلَمَ لِلكَلماتِ الكَاذِبَةِ والابتِسَامَاتِ المُخَادِعَة ؟
وَهَو مَن كَانَ
مُنذُ الشَّبَابَ قَادِرا على اكتِشَافِ حَقِيقَة النَّاسِ
لَقد سَلبَوه تَاجَهُ وَتَوَّجُوه بِالشَّوك
لِيُمَزِّقُ الشَّوكُ الخبئ
جَبهَةَ الشَّاعِرِ النَّبِيلَة
وكَانَت لحََظاتُه الأخِيرَة
مُسَمَّمَة بالشَّائِعَاتِ والهمس البَذِئ
وَهَا قّد مَات
بِالعَطَشِ العَبَثِي إلى الانتِقَام
ُمعَذَّباً بِالآمَالِ المُحَطَّمَة التي تَتَهاوَى سَريعا
لَن تَتَرَدد الأُغنِيَات الرَّائِعَةُ مِن جَدِيد
فَالصَّوتُ النَّبِيل يَخلُدُ للصَّمت
في الحُجرَةِ الصَّغيرَةِ دُونَ بَاب
وَآهٍ ، أُغلِقَت الشَّفَتَان
أَمَّا أَنتُم أَيَّتُهَا السُّلالَةُ المُتَعَجرِفَة
يَا أَبنَاءَ من اشتُهِرُوا بِمَخَازِيهم الوَضِيعَة
يَا مَن بِقَدَمٍ ذَلِيلَةٍ قَد دُستُم
بَقَايَا عَائِلاتٍ نَبيلَة تَجَهَّمَ لَهَا الحَظ !
يَا مَن تُحِيطُون بِالعَرشِ في قُطعَانٍ شَرِهَة
كَالجَلاَّدِين الَّذِينَ يُخفُونَ نَوَايَاهم الحَقِيرَة
في أَثَوابِ العَدَالةِ ، مُتَظَاهِرينَ بَالبَرَاءَة
مَن أَجلِ ذَبحِ الحُرِّيَةِ والَمجدِ والعَبقَرِية !
هُنَاكَ حُكمُ الرَّب
حُكمٌ رَهِيبٌ يَنتَظِر
لا يَمِيلُ مَعَ الذَّهَب
وَأَمَامَ العَرشِ الإِلَهِي
لَن تَنقِذُوا جُلُودَكم بِقَذفِ الأَوحَال ،
ولَن تَستَطِيعَ كُلُّ دِمَائِكم القَذِرَة
أَن تُعَوِّضَ أَبَداً الدَّمَ العَادِلَ لِلشَّاعِر .
- لا ، أنا لستُ بايرون ، أنا مختار:
لا ، أنا لستُ بايرون ، أنا مختار
آخر غير معروف ،
مثله ، غريب يلاحقه العالم ،
و لكن بروح روسية .
أنا بدأت أولاً ، وسأنهي قبل ،
و عقلي لن ينجز سوى القليل :
في قلبي ، كما في المحيط ،
يوجد ثقل الآمال المحطمة .
فمن يستطيع ، أيها المحيط الكالح ،
أن يكشف أسرارك ؟ . مَن
سيحكي للناس عن أفكاري ؟
أنا – أم الرب – أم لا أحد !
- منذ أن منحني الإله الخالد:
منذ أن منحني الإله الخالد
بصيرة النبي ،
و أنا أقرأ في عيون الناس
صفحات من الحقد والرذيلة .
إلى المحبة أنا رحتُ أدعو
و أنشر تعاليم الحق النقية :
راح كل المقربين مني
يرموني بالحجارة مسعورين .
رششت رأسي بالرماد ،
فقيراً هربت من مدن العباد ،
و ها أنا أعيش في الصحراء ،
كما الطيور ، آكل من نعمة الرب .
احفظ الوصية الأبدية ،
المخلوقات الدنيوية هناك تخضع لي ،
و النجوم تطيعني ،
و هي تلعب بالأشعة بفرح .
- أشعر بالسأم وبالحزن:
أشعر بالسأم وبالحزن ، وليس مَن أمد له يدي
في لحظة نكبة روحية ...
و الأمنيات !.. ما فائدة التمني عبثاً وبشكل دائم ؟ ..
و السنون تمضي – الأفضل من بين السنين ...
أن أهوى ... ولكن مَن ؟.. لبعض الوقت – لا يستحق الأمر ؛
و أن أهوى إلى الأبد لمستحيل ...
و إن أنظر إلى نفسي ؟ - ليس للماضي هناك من أثر :
و الفرح ، والعذابات ، وكل شيء لا قيمة له ...
و ما العواطف ؟ - فعاجلاً أو آجلاً سيزول
أثرها الحلو حين يتكلم العقل ،
و الحياة ، إذا ما نظرتَ حولك بانتباه بارد –
مجرد نكتة فارغة وغبية ...
- النخلات الثلاث :
نمت ثلاث نخلات شامخات
في صحراء الجزيرة العربية
وشق الأرض بينهما نبع بارد له خرير
تحفه جرائد النخيل
تحفظه من لفحة الشمس
ومن رمال الصحراء الزاحفة
انقضت سنوات في صمت
دون أن يدنو من الماء العذب عابر سبيل
يكرع منه فتبتل العروق
ويرتاح الجسد المنهوك
صارت تصفر من شدة الحر
أوراق النخيل
وكاد يجف النبع ذو الخرير
فجأرت النخلات الثلاث بالشكوى إلى ربها:
أخلقتنا لنموت دون جدوى في الصحراء!
ما معنى أغصان تنمو لا تحركها سوى الرياح؟
ما جدوى أزهار تثمر لا يأكلها إلا لهب الشمس؟
وليس ثمة من ينظر إليها فيرتاح
ليس عدلاً حكمك فينا يا رباه!
ما أن أنهت كلامها الأشجار
حتى ماجت في الأفق البعيد
رمال الصحراء الذهبية,
وارتفع الغبار
وصارت تُسمَعُ أصوات الأجراس في نشاز
وبدت تلمع العياب المغطاة بالفرش المصبوغة,
وتمايلت الجمال تمشى الواحد تلو الآخر
تحفر الرمال كأنها القوارب في البحار,
والهوادج تتدلى أطرافها المزركشة
من بين أسنمة الجمال,
وتبدو من داخل الهوادج أياد سمر
وتلمع من هناك المآقي السود,
وفارس ممشوق القوام
حاملاً رمحه وقوسه
يدفع فرسه إلى الأمام،
فترتفع قوائمه في الهواء
ويدبر ثم يقبل ويميل
كوحش أصابته سهام صياد,
والثياب البيض على أكتاف الفارس
تتماوج وتتهدل وتطير
وهو يعدو بفرسه فوق الرمال
يرسل رمحه في الهواء
ويلحق به فيأخذه من جديد
هاهي القافلة تقترب من النخلات في صخب،
ثم نصبت الخيام،
تحت أقباء الأشجار،
وامتلأت الجرار بالماء الزلال.
تمايلت هامات الأشجار طربا بقدوم الأضياف
وسقاهم فرواهم الماء المنساب.
ارتفع صوت إعمال الفؤوس مع حلول الظلام
وتتابعت الضربات على جذوع الأشجار
فهوت هامدة بنات الأجيال
فنزع الأطفال عنها الثياب،
وقطع الكبار أجسادها أشلا ء
وطفقوا يوقدون منها حتى الصباح.
عندما انحسر عن المشرق الضباب
وسار الركب في طريقه المحتوم
لم يترك وراءه سوى الأثر الحزين
الرماد البارد على الأرض الجرداء،
ثم حرّقت الشمس بقايا الرماد من جديد
لتذروه الرياح في الصحراء.
المكان الآن قفر موحش،
والأوراق الخضراء لا تناجى النبع ذا الخرير
وهو يسأل النبي الظل فلا يجاب
ولا يُرى غير الرمال المحرقة تنهال عليه،
وصقر البوادي ذو الريش المنفوش
ينهش ما افترس عنده بلا اكتراث.
- اُخرج مهاجراً :
أخرج مهاجرا وحيدا
وصخور الدرب تلمع في عتمة الليل
القفار الساكنة تصغي لربها
والنجوم تناجى بعضها بعضا
يا لهيبة السماء
يا لروعة السماء
والأرض تلفها غلالة زرقاء
لكن ما سر آلامي؟
ما الذي أقلق راحتي؟
أ أرجو من الغيب شيئا؟
أم هو الأسى على ما مضى
لا...
أنا لا أرجو من الحياة بعد هذا شيئا
ولا آسى على ما فاتني أبدا
بل أنشد الحرية والسكينة
ليتني نسيت كل شيء
ورحت في سبات عميق
لا سبات الموت المعهود
أريد أن أنام في قبري مدى الدهر
ويظل قلبي نابضاً
وتصعد أنفاسي بصدري في هدوء
ومن فوقي
شجرة بلوط لا تبيد خضرتها
ويهدهد سمعي مدى الأيام والليالي
صوت عذب يغنيني عن الحب
على وقع حفيف الأغصان
التي تحنو علي.