ماني
الديانة المانيشية
ماني (~ 14 أبريل 216 - 2 مارس 274 أو 26 فبراير 277) نبي فارسي في القرن الثالث ومؤسس المانوية. ولد في بابل التي كانت تخضع للإمبراطورية الفارسية، وهو مؤسس الديانة المانوية التوحيدية التي انتشرت في كثير من البلدان واستمرت لمدة تقارب الألف عام، تعرض خلالها أتباعها إلى الاضطهاد على يد المؤسسة الدينية الفارسية (الزرادشتية) حتى تم سجنه وإعدامه.
حوله
عدلحدائق النور
عدلحدائق النور (بالفرنسية: Les jardins de lumière) رواية تاريخية لأمين معلوف نشرت عام 1991. وتركز على المفكر الديني ماني، مؤسس الديانة المانوية. اقتباسات منها:
- وعلى الرغم من أنه لمّا يكد يبلغ الثامنة عشرة فإن ابن طبقة الأشراف «الپارتيين» العليا هذا كان سيُحاط بتقدير لا يوصف لو لم يكن يحمل في نظراته براءة طفولية من كلّ مهابة. فكيف لا يُسقتبل بابتسامات متوقّدة مَنْ يبرز أمام شخص لا يعرفه ويقدِّم إليه نفسه بهذه العبارة : «إنني أحد الباحثين عن الحقيقة!».
- تهميد [1]
- وأي جُحر سوى الوحدة يمكن أن يكون في مشهد المتنسِّكين المنبسِط؟ وسرعان ما تعلّم «ماني» أن يفوز بها ويتعهَّدها ويَحميها من الجميع. وأقام لنفسه بعيداً عن الجماعة فضاءَ عُزلة، مملكةٌ طفل لا تطأها قدمُ رجل قطّ. وكان يهرع إليه ما إن يتسنّى له ذلك. وكان ذلك في مكان تتلوّى فيه ترعة «دجلة» وسط دغل من النخيل المنتصب بعضه لِصق بعض مرصوصاً بشكل نصف قمر، المنحني بعضه الآخر فوق الماء وكأنه يشرب. وكان ينبغي التجرّؤ على تخطّيه ليجد المرء نفسه في شبه جزيرة من العَبَق والظلٌ، ولكنه ظِلٌ لا يطرد النور بل يمتصّه على العكس من ذلك ويُرشِّحه ويُقطِّره ليُغدِقه على أولئك الذين يُحسِنون جناه. وهناك كان ماني يجلس أو يستلقي، يبكي أو يتهلّل أو يحلم. وكثيراً ما كان يناجي نفسه بصوت جهير غير هيّاب من افتضاح سرّه.
- القسم الأول، 2 [2]
- كان ماني يردّد في نفسه قائلاً : «الرحيل عيد، وربما هو العيد الوحيد بألف شكل وألف ثوب من القماش الجَعد أو من خيوط البلّوط. وإذ كان الناس رهائن الأفق فهل احتفلوا يومًا بغير ذلك؟».
- القسم الأول، 6 [3]
- بدا ماني وكأنه يثّبت على نقطة مجهولة من الجدار الذي فوق رؤوس المُحاكمين:
- سواء كانت الأطعمة طاهرة أو دنسة فإن مآلها إلى الفضلات، أفيكون هناك في رأيكم فضلات طاهرة وأخرى دنسة؟
- لقد دعوناك للإصغاء إليك برحمة. فلماذا تبدو بهذا القدر من الازدراء منذ الكلمة الأولى؟
- لا يعتلج في صدري أغِلّ، غير أنكم تدّعون أنّكم أعشتموني في الطهر، وأنا أجيبكم بأن هذا الطهر الذي تبشّرون به لا يساوي شيئاً. تزعمون أن الثمار التي تخرج من أرض «الجماعة» ثمارٌ «ذكور» وطاهرة، أليس هذا ما تقولون؟ لماذا إذن تبيعونها في الخارج للقرويين الكَفَرة الذين يطحنونها بأضراسهم الدنسة؟
- إلى أين تريد أن تصل؟
- الحديث عن أطمعة طاهرة ودنسة محض خرافة؛ ومحض خرافة الكلام على أناس طاهرين أو مدنّسين، ففي كل شيء، وفي كل شخص منا يتجاور «النور» و«الظلمات.»
- ولأجل الاحتجاج على فرضنا الطهارة خلعت ثيابك البيضاء؟
- لا. لقد تزيّيت بهذا الزيّ لأني مزمع على الرحيل.- القسم الأول، 6 [4]
- ... و«ماني»؟ ما الذي حلم به وهو يغادر الطائفة؟ بدين جديد؟ لقد كانت تعتلج في نفسه بالتأكيد تلك الرغبة في التبشير، وتلك التلميحات التي أصبحت كثيرة التردّد الآن بنداء سماوي... وإذا كان الأمر كذلك فكيف يُفسِّر أن يكون «مالكوس» قد سمع من فمه، في المساء الذي جاء فيه «پاتيغ» بالذات، هذه العبارة المحيَّرة: «أتساءل أحياناً عمّا إذا لم يكن سيّد «الظُلُمات» هو الذي يُوحي بالأديان لا لشيء إلّا لتشويه صورة «الله»! أفتكون هذه أقوال رجل دين؟
- القسم الثاني، 1 [5]
- - سأعلّم دين الجمال للأمم في أربعة أقطار الدنيا.
- القسم الثاني، 1 [6]
- [الأمير هرمز] - هذا الرجل راوية! وسوف أستدعيه من أجل أُمسيات القّوّاد. هل تعرف الملاحم القديمة «قورش» و«دارا» ومآثر «الأخمينيين» وبطولات سُلالتنا؟
- [ماني] أعرف جيداً حكايات أخرى لم يسمع بها أحدٌ قطّ.
- حكاياتك الأخرى لست راغباً فيها. إن رجالي لا يحبّون الاستماع إلّا إلى الملاحم التي يعرفونها. وإلّا فإلى قصص الصيد. وذإا كنت تعرف شيئًا منها وعرفت كيف تجعلنا نعيشها من جديد فلن تعود خاليَ الوفاض.
- أقوالي لا أبيعها، بل أوزَّعها.
- لستَ، على هذا، تاجراً ولا راوية.- القسم الثاني، 5 [7]
- [ماني] - يحدث أن يظنّ امرؤ نفسه مُستودعاً رسالةٌ في حين أنه ليس سوى نعشها.
- القسم الثاني، 5 [8]
- - إذا كنت تقول ما قال «المسيح» أو «بوذا» فلماذا تسعى إلى إنشاء دين جديد؟
- إن الذين ارتفع في «الغرب» لم يُزهر أمله قطّ في «الشرق»؛ والذي ارتفع في «الشرق» لم يبلغ صوته «الغرب». أفينبغي أن تكتسي كلّ حقيقة ثوبَ مَن تَلقّوها ونَبرَتَهم؟
- أوافق أيها «المعلّم» على أن بعض المعقتدات تستحقّ أن تُحترم. ولكن ماذا عن الوثنيين، وعن عَبَدة الشمس؟
- أتعقتد بأن يشعر ملك بالحسد إذا أنتَ قبَّلتَ حاشية ثوبه؟ وليست الشمس سوى وَشْي على رداء «الله تعالى»، بيد أنّه من خلال هذا الوَشي المتألَّق يستطيع الناس أن يتأمّلوا «نوره» بشكل أفضل. ويظنّ الناس أنهم يعبدون الربوبية في حين لم يعرفوا قطّ منها غير التجلَّيات، تجلّيات من خشب أو ذهب أو جصّ أو رسم أو كلمات أو أفكار.
- والذين لا يعترفون بأيّ إلة؟
- إن من يرفض رؤية «الله» في الصُّور التي تُقدِّم إليه هو أقرب أحياناً من غيره إلى صورة «الله» الحقيقية.- القسم الثاني، 6 [9]
- سئل يوماً:
- ما اسم الذي أنت «رسوله»؟
- أدعوه «مَلِك حدائق النور».
- أليس «الأب»، «القدير»، «الرؤوف»، «خالق» كل شيء؟
- كيف يمكن أن يكون رؤوفاً وقديراً في الوقت نفسه؟ أهو الذي خلق الجُذام والحرب؟ أهو الذي يَدَع الأطفال يموتون والأبرياء يُعذِّبون؟ أهو الذي خلق «الظُلُماتِ» و«سيّدها»؟ وهل سمح بأن يوجد هذا الأخير؟ وإذا كان في وسعه أن يُلاشيه فلماذا لا يفعل؟ وإذا لم يكن يريد مُلاشاة «الظُلُمات» فلأنه ليس رؤوفاً؛ وإذا كان يريد مُلاشاتها ولا يتمكّن فمعنى ذلك أنه ليس قديراً.
و أضاف بعد سكتة قصيرة:
- لقد عُهِد بـ«الخَلْق» إلى الإنسان. وإليه يرجع قبل أي كان أن يجعل «الظُلُمات» تتقهقر.- القسم الثاني، 6 [10]
- [ماني] - لقد بدأ عصر جديد، وهو يستلزم ديناً جديداً، ديناً لا يكون لشعب واحد ولا لعِرق واحد ولا يقتصر على إرشاد واحد.
- القسم الثالث، 1 [11]
- إن لكل شعب تقاليد دُوَّنت في شرائعه وينسبها إلى المشيئة الربّانية. أفتكون هذه المشيئة مختلفة بالنسبة إلى كل شعب؟ الحقيقة أننا لا نعلم شيئاً عن المشيئة الربّانية، ولا نعرف شيئاً عن الربوبيّة، لا اسمها ولا ظاهرها ولا صفاتها. ويطلق البشر على «الله» ما لا يُحصى من الأسماء، وكلّها صحيحة، وكلّها أيضاً باطلة. فلو كان «له» اسم لما أمكن أن يُكتب بكلماتنا، ولا أن تتلفّظ به أفواهنا. يُقال أنه غنيٌ وقويٌ. والغنى والقوة ليسا صفتين إلا على مستوى الناس، ولا يعنيان شيئاً على مستوى «الله». وتنسب «إليه» أيضاً رغبات ومخاوف وحالالت سُخط وغضب، ويقول بعضهم «إنه» يغار من صنم وتسوء حركة ويهتمُ بطريقة كلامنا وعُطاسنا ولُبسنا وعُرينا. وأنا، «ماني»، جئت أحمل رسالة جديدة لجميع الشعوب. وكان أن توجّهتُ أول ما توجّهتُ إلى «الناصريين» الذين قضيت بين ظهرانيهم طفولتي وشبابي. وقلت لهم : أصغوا إلى كلام «يسوع» فهو حكيم وطاهر، ولكن أصغوا أيضاً إلى إرشاد «زرادشت»، وأعرفوا كيف تجدون «النور» الذي أضاء داخل نفسه قبل جميع الناس عندما كان العالم بأسره سابحاً في الجهل والوسوسة. وإذا قُدِّر لأملي أن ينتصر يوماً فستكون نهاية الأحقاد.
- القسم الثالث، 1 [12]
- - أنتمي إلى جميع الأديان ولا أنتمي إلي أيّ منها. لقد لُقَّن الناس أن عليهم أن ينتسبوا إلى عقيدة كما ينتسبون إلى عِرق أو قبيلة. وأنا أقول لهم إنهم كَذّبوا عليكم. أعرفوا أن تجدوا في كل عقيدة، في كل فكرة، المادةَ المنيرة وأزيحوا القشور. ومَن يتّبعْ سبيلي يستطيع أن يبتهل إلى «أهورا مزدا» وإلى «ميترا» وإلى «المسيح» وإلى «بوذا». وسوف يأتي كل إنسان بصلواته إلى المعابد التي سأشيدها.
- القسم الثالث، 1 [13]
- - إني أُجِلُ جميع المعتقدات وتلك هي جريمتي بالتأكيد في عيون الجميع. فالمسيحيون لا يسمعون ما أقول من خيرٍ عن «الناصري» ويأخذون عليّ عدم الكلام بالسوء عن اليهود و«زرادشت». ولا يسمعني المجوس حين أمجّد نبيَّهم، ويريدون أن يسمعنوني ألعن «المسيح» و«بوذا». ذلك أنهم عندما يجتموع القطيع فإنهم لا يجمعونه على الحبّ بل على الحقد، ويجدون أنفسهم متضامنين فقط في مواجهة الآخرين. ولا يعترف بعضهم بأخوّة بعض إلّا في المحظورات وأعمال الحُرم. وبدلاً من أن أكون أنا، «ماني»، صديق الجميع لا ألبث أن أرى نفسي عدوّ الجميع. وجريمتي هي رغبتي في مصالحتهم فيما بينهم. ولسوف أدفع ثمنا. ذلك أنهم سيتّحدون لِلَعْني. ومع ذلك فإنه عندما يملّ الناس الطقوس والأساطير والنمائم جميعاً فسوف يتذكّرون أنه في يوم من الأيام، في العد الذي كان يحكم فيه «شاهبور» العظيم، رجّع كائن بشري متواضع صرخة في أرجاء العالم.
- القسم الثالث، 1 [13]
المراجع
عدلفهرس المراجع
عدل- ↑ حدائق النور (1998)، ص.10
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.41
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.80
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.84
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.102
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.109
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.137
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.143
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.156
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.157
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.165
- ↑ حدائق النور (1998)، ص.170
- ↑ 13٫0 13٫1 حدائق النور (1998)، ص.171
معلومات المراجع
عدل- أمين معلوف (1998). حدائق النور. تمت الترجمة بواسطة عفيف دمشقية (الطبعة الرابعة). بيروت، لبنان: دار الفارابي.