ذو النون المصري
ذو النون المصري |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
وسائط متعددة في كومنز |
من الأقوال المنسوبة إلى ذي النون المصري
إن لله عبادًا أسكنهم دار السلام، فأخمصوا البطون عن مطاعم الحرام، وأغمضوا الجفون عن مناظر الآثام، وقيدوا الجوارح عن فضول الكلام، وطووا الفرش وقاموا في جفون الظلام وطلبوا الحور الحسان من الحي الذي لا ينام، فلم يزالوا في نهارهم صياماً، وفي ليلهم قياماً حتى أتاهم ملك الموت عليه السلام.
إن لله عبادًا علموا الطريق إليه والوقوف غدًا بين يديه، فثارت القلوب إلى محجوب الغيوب فنفوسهم عن الطاعات لا تسلوا، وقلوبهم عن ذكره لا تخلوا، وأسرارهم في الملكوت تعلو. فطوبى للعارفين، ما أغنى عيشهم، وما ألذَّ شربهم، وما أجَلَّ حبيبهم.
إن لله عبادا تركوا المعصية استحياء منه بعد أن كانوا تركوها خشية منه. أفما وقد أنذرك!
من شعر التصوف
عدلعجباً لقلبك كيف لا يتصدع ولركن جسمك كيف لا يتضعضع
فاكحل بملمول السهاد لدى الدجى إن كنت تفهم ما تقول وتسمع
منع القرآن بوعده ووعيده مقل العيون بليلها لا تهجع
فهموا عن الملك الكريم كلامه فهماً تذل له الرقاب وتخضع
اطلبوا لأنفسكم مثلما طلبت أنا
قد وجدت لي مددا ما وجدت عنه غنى
دعاء
عدلإلهي، إن كان صغر في جنب طاعتك عملي، فقد كبُر في جنب رجائك أملى،
إلهي، كيف أنقلبُ من عندك محرومًا، وقد كان حسن ظنيِّ بك منوطًا،
إلهي، سمع العابدون بذكرك فخضعوا، وسمع المذنبون بحسن عفوك فطمعوا،
إلهي، إن كانت أسقطتني الخطايا من مكارم لطفك، فقد آنسنى اليقين إلى مكارم عطفك،
إلهي، إن دعاني إلى النار أليم عقابك، فقد دعاني إلى الجنة جزيل ثوابك، لك الحمد يا ذا المنِّ والطَّول والآلاء والسَّعَة، إليك توجهنا، وبفنائك أنخنا، ولمعروفك تعرضنا، وبقربك نزلنا. يا حبيب التائبين ويا سرور العابدين ويا أنيس المنفردين ويا ظهر المنقطعين، يا من حبَّب إليه قلوب العارفين، وبه أنست أفئدة الصديقين، يا من أذاق قلوب العابدين لذيذ الحمد وحلاوة الانقطاع إليه، يا من يقبل من تاب ويعفوا عمَّن أناب، يا من يتأنَّى على الخاطئين، ويحلُم عن الجاهلين، ويا من لا يُضيِّع مطيعاً، يا من مَنَحَ بالنوال، ويا من جاد بالاتصال، يا ذا الذي استدرك بالتوبة ذنوبنا، وكشف بالرحمة غمومنا، وصفح عن جُرمِنا بعد جهلنا، وأحسن إلينا بعد إساءتنا، ارحم غربتي، وهب لي من المعرفة ما أزداد به يقيناً، ولا تكلني إلى نفسي الأمارة بالسوء طرفة عين.
واصفا المتهجدين
عدلقد هدَّ أجسامهم الوعيد، وغيَّر ألوانهم السهر الشديد، يتلذذون بكلام الرحمن، ينوحون به على أنفسهم نوح الحمام، فرحين في خلواتهم فيا حسنهم والليل قد أقبل بحنادس ظلمته وهدأت عنهم أصوات خليقته، وقدموا إلى سيدهم الذي له يأملون فلو رأيت أيها البطال أحدهم، وقد قام إلى صلاته وقراءته، فلما وقف في محرابه، واستفتح كلام سيده، خطر على قلبه أن ذلك المقام هو المقام الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين، فانخلع قلبه، وذهل عقله، فقلوبهم في ملكوت السماوات معلقة، وهمومهم بالفكر دائمة، فما ظنك بقوم خيار أبرار وقد خرجوا من رق الغفلة، وأنسوا بيقين المعرفة، وسكنوا إلى روح الجهاد والمراقبة.