الفرق بين المراجعتين لصفحة: «محمد الغزالي»

تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط (- اقواله + أقواله ) بوت: استبدال تلقائي للنص
ط (- الأرض + الأرض ) بوت: استبدال تلقائي للنص
سطر 58:
*ترى: ما الذي يحتاج إلى تصحيح: الضمير البشري, أم العقل البشري؟
*قرر الإسلام أن بقاء الأمم وازدهار حضارتها٬ واستدامة منعتها٬ إنما يُكفل لها٬ إذا ضمنت حياة الأخلاق فيها٬ فإذا سقطت الخلق سقطت الدولة معه. وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ،ويؤكد هذه الحقيقة حديث الرسول لقومه وعشيرته٬ فقد رشحتهم مكانتهم في جزيرة العرب لسيادتها٬ وتولى مقاليد الحكم بها. ولكن النبى أفهمهم ألا دوام لملكهم إلا بالخلق وحده. فعن أنس بن مالك قال: ”كنا في بيت فيه نفر من المهاجرين والأنصار٬ فأقبل علينا رسول االله ـ صلى االله عليه وسلم ـ ٬ فجعل كل رجل يوسع رجاء أن يجلس إلى جنبه.. ثم قام إلى الباب فأخذ بعضادتيه٬ فقال: الأئمة من قريش٬ ولى عليكم حق عظيم٬ ولهم ذلك ما فعلوا ثلاثا: إذا استُرْحموا رَحموا٬ وإذا حكموا عد لوا٬ وإذا عاهدوا وفوا٬ فمن لم يفعل ذلك فعليه لعنة االله والملائكة والناس أجمعين ” .
*دائرة الأخلاق تشمل الجميع قد تكون لكل دين شعائر خاصة به٬ تعتبر سمات مميزة له. ولا شك أن في الإسلام طاعات معينة٬ ألزم بها أتباعه٬ وتعتبر فيما بينهم أمورا مقررة لا صلة لغيرهم بها. غير أن التعاليم الخلقية ليست من هذا القبيل ” فالمسلم مكلف أن يلقى أهل [[الأرض]] قاطبة بفضائل لا ترقى إليها شبهة٬ فالصدق واجب على المسلم مع المسلم وغيره٬ والسماحة والوفاء والمروءة والتعاون والكرم.. الخ. وقد أمر [[القرآن]] الكريم ألا نتورط مع اليهود أو النصارى في مجادلات تهيج الخصومات ولا تجدى الأديان شيئا. قال االله تعالى : ”و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون“
*لا مكانة لأمة ولا لدولة ولا لأسرة إلا بمقدار ما تمثل في العالم من صفات عالية٬ وما تحقق من أهداف كريمة. فلو أن حكما حمل طابع الإسلام والقرآن٬ ثم نظر الناس إليه فوجدوه لا يعدل في قضية٬ ولا يرحم في حاجة٬ ولا يوفى في معاهدة٬ فهو باسم الإسلام والقرآن قد انسلخ عن مقوماته الفضالة٬ وأصبح أهلا لأن يعن في فجاج [[الأرض]] وآفاق السماء.
*الإكراه على الفضيلة لا يصنع الإنسان الفاضل٬ كما أن الإكراه على الإيمان لا يصنع الإنسان المؤمن؟ فالحرية النفسية والعقلية أساس المسئولية. والإسلام يقدر هذه الحقيقة ويحترمها٬ وهو يبنى صرح الأخلاق. ولماذا يلجأ إلى القسر في تعريف الإنسان معنى الخير٬ أو توجيه سلوكه إليه٬ وهو يحسن الظن بالفطرة الإنسانية٬ ويرى أن إزاحة العوائق من أمامها كافية لإيجاد جيل فاضل؟ إن فطرة الإنسان خيرة وليس معنى هذا أنه ملاك لا يحسن إلا الخير
*أن الخلق لا يتكون في النفس فجأة٬ ولا يولد قويا ناضجا٬ بل يتكون على مكث وينضج على مراحل. وهذا سر ارتباط نمائه بأعمال متكررة٬ وخلال لها صفة الدوام كالصلاة والزكاة٬ والتصديق بيوم الجزاء٬ والإشفاق من عقاب الله.. الخ. وإذا كانت الطباع الرديئة دائمة الإلحاح على صاحبها٬ تحاول العوج بسلوكه بين الحين والحين٬ فلن يكفكف شرها علاج مؤقت.وإنما يُسكن ثورانها عامل لا يقل قوة عنها٬ يعيد التوازن على عجل إذا اختل.
*والخلاصة٬ أن الإسلام يحترم الفطرة الخالصة٬ ويرى تعاليمه صدى لها. ويحذر الأهواء الجامحة٬ ويقيم السدود في وجهها٬ والعبادات التى أمر بها هى تدعيم للفطرة٬ وترويض للهوى٬ ولن تبلغ هذه العبادات تمامها وتؤدى رسالتها إلا إذا كانت كلها روافد لتكوين الخلُق العالى٬ والمسلك المستقيم
*أن الجري مع الهوى٬ والانصياع مع وساوسه التى لا تنقضى٬ لن يشبع النفس٬ ولن يرضى الحق. فالنفس كلما ألفت موطنا لشهوتها أحبت الانتقال منه إلى موطن آخر.وهى في رتعها الدائم٬ لا تبالى بارتكاب الآثام واقتراف المظالم".ومن ثم حذر [[القرآن]] من اتباع هذه الأهواء المحرمة.”ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل االله إن الذين يضلون عن سبيل االله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب“. ويقول ـ عن مسالك الكافرين وضرورة معارضتها ـ : ”ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون“.
*ولابد من التفريق بين أهواء النفس المحرمة ومطالبها المعقولة المقررة٬ فإن كثيرا من المتدينين يخلط خلطا سيئا بين الأمرين.وذلك أن الإنسان إذا كانت له مطالب من متاع الحياة وسعتها التى لا حرج فيها٬ فأُفهم خطأ أن هذه المطالب من الرذائل المحظورة فستكون النتيجة أن يُقبل على هذه المطالب المحتومة بضمير من يستبيح الجرائم٬ ويرضى بالتدلى إليها٬ وضميره في الحقيقة ضحية خطأ شنيع. إنه ما دام قد فهم أنه أصبح مسيئا٬ وأن الرذيلة جزء من حياته ينتقل منها إلى عمل منكرات أشد: أى منكرات حقيقية في هذه المرة! وقد لاحظ [[القرآن]] الكريم هذه الناحية٬ فنص في صراحة على إباحة الرغائب السليمة للنفس٬ وترك لها فرصة التوسع الطيب٬ وعد التدخل بالحظر والتحريم والضيق على النفس ـ في هذه الدائرة الكريمة ـ قرينا لعمل السوء والفحشاء! لأنه مدرجة إلى عمل السوء والفحشاء. قال الله تعالى: ”يا أيها الناس كلوا مما في [[الأرض]] حلالا طيبا و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على االله ما لا تعلمون“. أجل٬ إن حظر الحلال الطيب٬ قول على االله بلا علم٬ وهو أخو السوء والفحشاء٬ اللذين يأمر بهما الشيطان
*الوظيفة الأولى لدولة الإسلام أن تُري الأمم الأخرى آفاق الخير الذي تدعو إليه مشرقة في حياتها هي, في أخلاقها وتقاليدها, وعباداتها ومعاملاتها, وآدابها وفنونها وملاهيها, وأسواقها وقراها ومدنها, أي في جميع أنشطتها التي تكشف عن أعمالها وآماله
*إن هناك علماء هم في حقيقتهم عوام، لا شغل لهم إلا هذه الثرثرات والتقعّرات، وقد أضاعوا أمتهم وخلّفوا أجيالاً من بعدهم لا هي في دنيا ولا هي في دين
سطر 72:
*“بعض الناس يسىء إلى الدين عندما يهمل تهذيب طباعه وتقويم عوجه ٬ ثم يحرص على الاستمساك بشعائره ٬ كما يمسك الملوث قطع الصابون بيده ٬ دون أن يذهب بها درئا ٬”
*“و من الخطأ ان نحسب الدين معرفة نظرية او قراءة طويلة! اذا لم يكن الدين كبحا للهوى ،و امتلاكا للطبع فلاخير فيه و لاجدوى منه.
*“إن الصراط المستقيم ليس وقوف فرد في المحراب لعبادة الله وكفى..! إنه جهاد عام لإقامة إنسانية توقر الله، وتمشى في القارات كلها وفق هداه، وتتعاون في السراء والضراء حتى لا يذل مظلوم، أو يشقى محروم، أو يعيث في [[الأرض]] مترف، أو يعبث بالحقوق مغرور ..!
*و كيف يجاهد نفسه معجب بها راض عنها !!!
*“إذا وجد الإسلام من هذه الأمة الطيبة أفئدة تهوى إليه , وتنفذ تعاليمه وتحقق أهدافه . فانتظر نهضة ناجحة ومستقبلاً مشرفاً وخيراً غزيراً , لا لمصر وحدها ولا للعروبة وحدها , ولكن للعالم أجمع”