الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عائض القرني»
تم حذف المحتوى تمت إضافة المحتوى
ط (- القرآن + القرآن ) بوت: استبدال تلقائي للنص |
ط (- الموت + الموت ) بوت: استبدال تلقائي للنص |
||
سطر 53:
فلما اقتربنا من تلك الولايات، قرأنا بعض الآيات، وأنشدنا شيئاً من الأبيات، وهبطنا في [[مطار جون كندي]]، ودثّرت من شدة البرد جسدي، وأصبحنا من البرد في ثلاجة، حين وصلنا ديار الخواجة، وانتظرنا في صف عريض، بين سود وبيض، والجوّ من أفعال أولئك مريض، ثم سمعنا أمريكياً يرطن، يقول هيّا إلى [[واشنطن]]، فغادرنا المحل والسكن، وركبنا مع شركة بان أمركن، فحززنا أجسامنا بالرباط حزّا، وهزتنا الطائرة هزّا، لأن قائدها أهوج، قلبه مثلّج، فكل راكب بالخوف مدجّج، فكأنها من الركاب فاضية، ونادى بعضنا يا ليتها كانت القاضية، أما الأمريكان، فما كأنّ شيئاً كان، فهم في لهوهم يضحكون، وإذا مروا بنا يتغامزون، فما أدري، والطائرة تجري، هل تعجبوا من جزعنا، وسخروا من فزعنا، وأنكروا هلعنا، فليتهم يعلمون، وعن غيّهم يرجعون.
=== مقامة [[الموت]] ===
الموت هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ميتم البنين والبنات، مخرب الديار العامرات، أسقى النفوس، مرارة الكؤوس، وأنزل التيجان من على الرؤوس، نقل أهل القصور إلى القبور، وسلّ على الأحياء سيفه المنشور، ألصق الخدود باللحود، وساوى بين السيد والمسود، زار الرسل والأنبياء، وأخذ الأذكياء والأغبياء، فاجأ أهل الأفراح بالأتراح، ونادى فيهم الرواح الرواح، كم من وجه بكفه لطمه، وكم من رأس بفأسه حطّمه، يأخذ الطفل وفمه في ثدي أمِّه، ويخنق النائم ورأسه على كمِّه، ينـزل الفارس من على ظهر الفرس، ويقتلع الغارس وما غرس، يخلع الوزير من الوزارة، ويحطّ الأمير من الإمارة، إذا اكتمل الشاب، وماس في الثياب، وصار قوي الجناب، يُرجى ويُهاب، عفّر أنفه في التراب، يدوس ذا البأس الشديد، والرأي السديد، ويبطح كل بطل صنديد، ولو كان خالد بن الوليد، أو هارون الرشيد، يسحب الملوك من العروش، ويركب الجيوش على النعوش، أسكت خطباء المنابر، وأذهل حملة المحابر، وشتت أهل الدفاتر، وطرح الأحياء في المقابر، كسر ظهور الأكاسره، قصّر آمال القياصره، زلزل أساس ساسان، وما سلم منه سليمان، وما نجا منه قحطان وعدنان، صبّح ثمود وعاد، وخرّب دار شداد وما شاد، وهدم إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، لا يترك السلاطين، حتى يوسدهم الطين، لا تظن أنك منه ناج، ولو سكنت الأبراج.
|