ما إِن أُبالي إِذا أَرواحُنا قُبِضَت
ماذا فَعَلتُم بِأَوصالٍ وَأَبشارِ
تَجري المَجَرَّةُ وَالنَسرانِ عَن قَدَرٍ
وَالشَمسُ وَالقَمَرُ الساري بِمِقدارِ
وَقَد عَلِمتُ وَخَيرُ القَولِ أَنفَعُهُ
أَنَّ السَعيدَ الَّذي يَنجو مِنَ النارِ
الشَيبُ أَسكَنَ قَلبي غايَةَ الكَمَدِ
وَمَدَّ عَيني إِلى الشِبّانِ بِالحَسَدِ
يَكفيهِمُ أَنَّ ذاكَ الشَيبُ حينَ تَدا
رَضيتُ أَنّي لِحَتفي خافِرٌ بِيَدي
ما لِلدموعِ تسيلُ سيلَ الوادي
أَحَدى بِرَكبِ العامِرِيَّةِ حادي
نِعمَ اِستغَلّوا ظاعِنينَ وخَلَّفوا
ناراً لها في القَلبِ قدَحُ زِنادِ
ما كان أَطيَبَ لِلوداعِ عِناقَنا
لَو لَم يَكُن مِنّا عِناقُ بِعادِ
لي بالعَقيقِ سَقى العَقيقُ غَمامَةً
قَلبٌ أَسيرٌ ما لَهُ مِن فادِ
سَلَبتهُ مِنّي يَومَ راحَة مُقلَةٌ
مَكحولَةٌ أَجفانها بِسَوادِ
يا سائِقَ الوَجناءِ غيرَ مُقَصِّرٍ
يَطوي المَفاوِزَ مِن رُبى وَوهادِ
ما لي إِلَيكَ سِوى التَحِيَّة حاجَة
تَلقى سُعادَ بِها وَدارَ سُعادِ
عرِّج بِرامَةَ إِنَّ رامَةَ مُنتَهى
أَمَلي وَغايَةَ بُغيَتي وَمُرادي
لِلَهِ صَبٌّ بِالعِراقِ مُتَيَّمٌ
ظامٍ إِلى ماءِ المُحَصَّبِ صادي
يَشتاقُ مِن بَغدادَ بانَ طُوَيلِعٍ
هَيهاتَ اِبنَ البان مِن بَغدادِ
كُلُّ المَنازِلِ وَالبِلادِ عَزيزَةٌ
عِندي وَلا كَمواطِني وَبِلادي
وَمرَنَّحِ الأَعطافِ تَحسُدُهُ القَنا
عِندَ اِهتِزازِ قَوامِهِ المَيّادِ
صَنَمٌ أَباحَ لِيَ الضَلالَةَ وَجهُهُ
وَمِنَ العَجائِبِ أَن يضلَّ الهادي
لَولاهُ ما عُرِفَ السُهّادُ وَلَم أَبِت
وَالشَوقُ حُشو حُشاَ شَتي وَوِسادي
جَسَدٌ ناحِلٌ وَقَلبٌ جَريحٌ
وَدُموعٌ عَلى الخدود تسيحُ
وَحَبيبٌ مُرُّ التَجَنّي وَلَكِن
كُلّ ما يَفعَلُ المَليحُ مَليحُ
يا خَلِيَّ الفُؤاد قَد مَلا الوَج
د فُؤادي وَبَرّحَ التَبريحُ
جُد بِوَصل أَحيى بِهِ أَو بِهَجرٍ
فيهِ مَوتي لَعَلَّني أَستريحُ
كَيفَ أَصحو هَوى وَطَرفُكَ كاسٌ
بابِلِيٌّ يَطيبُ مِنهُ الصَبوحُ
أَنتَ لِلقَلبِ في المَكانَةِ قَلبٌ
وَلِروحي عَلى الحَقيقَةِ روحُ
بِخُضوعي وَالوَصلُ مِنكَ عَزيزُ
وَاِنكِساري وَالطَرفُ مِنكَ صَحيحُ
رِقَّ لي مِن لَواعِجٍ وَغَرامٍ
أَنا مِنهُ مَيتٌ وَأَنتَ المَسيحُ
قَد كَتَمتُ الهَوى بِجُهدي وَإِن دا
مَ عَلَيَّ الغَرام سَوفَ أَبوحُ
يا غَزالاً لَهُ الحشاشَةُ مَرعى
لا خُزامي بِالرَقمَتَينِ وَشيحُ
أَنتَ قَصدي مِنَ الغُوَيرِ وَنَجدٍ
حينَ أَغدو مُسائِلاً وَأَروحُ
أُخاطِبُهُ عِندَ التَلَفُّتِ يا رَشا
وَأَدعوهُ بِالغُصنِ الرَطيبِ إِذا مَشا
وَآخُذُ عَنهُ حينَ يُقبِلُ جانِباً
حذار العِدا وَالشَوقُ يَلعَبُ بِالحَشا
جَعَلتُ فِدى الظَبيِ الَّذي جاءَ طَرفه
إِلى قَتلة العُشّاق يَحمِلُ تركِشا
مِنَ التُركِ أَبهى مَن رَأَيتُ مَعَمَّماً
وَأَحسَنُ وَجهاً مَن رَأَيتُ مُشَربَشا
يَميسُ إِذا عايَنتُ غُصنَ قَوامِهِ
وَيَكسِرُ كَسَراتِ الجُفونِ تَحَرُّشا
وَلي دَهشَةُ الساهي إِلَيهِ إِذا بَدا
وَلَم يَبدُ ذاكَ الخَدُّ إلّا لِيُدهِشا
جَرَت فَوقَ خَدَّيهِ مِياهُ جمالِهِ
فَمَدَّ مِنَ الأَصداغِ كَرماً مُعَرَّشا
وَلَم أَنسَ طَيرَ القُرن لَيلَةَ زارَني
وَقَد حَلَّ في دَوحِ الوِصالِ وَعَشَّشا
جَعَلتُ يَدي اليُمنى غِطاءً لِجيدِهِ
لِأَحيا بِهِ ضَمّاً وَيُسرايَ مفرشا
وَلَو لم يَكُن دِرياق فيهِ عَلى فَمي
لُسِعتُ وَقَد أَرخى مِنَ الشعرِ اِحنُشا
أَيا قَمَراً أَمسى لَهُ القَلبُ مَنزِلاً
إِذا مَرَ بي مِن بُرقُعِ الحُسنِ في غِشا
سَلِ المُقلَةَ النَجلاء عَن ذي صَبابَةٍ
تَصُدُّ فَلا يَدري الصَباحَ مِنَ العِشا
وَشى الناسُ أَنّي في هَواكَ مُتَيَّمٌ
لَقَد صَدَقَ الواشي النمومُ بِما وَشى
يا مَن سبي العُشّاق حُسنُهُ
لَمّا رَنا بِالغنجِ جَفنُه
صل مُدنِفاً قَصُرَت يَدا
هُ عَنِ السُلُوِّ وَطالَ حزبُه
أسهرته فالنجوم في
كَ سميره والوجدُ خدنُه
يا عاذِلي في حُبِّهِ
مَهلاً سُلوّي لا تَظُنُّه
أَرأَيتَ قَبلَ عِذارِهِ
خَدّاً سحيقَ المِسكِ ضمنَه
اللَحظُ صارِمُهُ الصَقي
لُ إِذا رَنا وَالقَدُّ لَدنَه
كُلٌّ لَهُ فَنٌّ وَقَل
بي المُستَهامُ هَواكَ فَنُّه
أَلِفَ الضنى لَمّا هَجَر
تَ وَواصَلَ التَسهيدَ جَفنَه
ما كانَ ظَنّي في هَوا
كَ بِأَنَّ قَلبي خابَ ظَنُّه
اِذكر مَلاعِبَنا بِرَملَةِ حاجِرِ
حوشيتَ مِن شِيَمِ الخؤونِ المُغادِرِ
وَاِحفَظ عُهوداً بِالحِمى عاهَدتَني
أَيّامَ كُنتَ مُنادِمي وَمُسامِري
آثارُ ذاكَ القُربِ بَينَ جَوانِحي
وَخَيال ذاكَ العَيشِ بَعدُ بِناظِري
جوزيتُ مِنكَ عَلى التَصَبُّرِ في الهَوى
ما لَيس يُعهَدُ مِن جَزاءِ الصابِرِ
خَطَرَت بِقَلبي مِنكَ كُلِّ عَجيبَةٍ
إلّا فِراقَكَ لَم يَكُن في خاطِري
بِجَمالِ وَجهِكَ أَيُّها الإِنسانُ
هَل لِلمُتَيَّمِ في هَواكَ أَمانُ
خَلِّ الرَشاقَةَ قَد فَتَنتَ الوَرى بِها
وَدَع التَلَفُّتَ حارَت الغِزلانِ
صالَحتَ ما بَينَ السُهادِ وَناظِري
مُذ قيلَ أَنَّكَ مُعرِضٌ غَضبانِ
لاموا عَلى حُبِّ المَليحِ وَعَنَّفوا
ما أَنصَفوا في حُبِّهِمُ ما أَنصَفوا
لِلَهِ مَمشوق القَوامِ كَأَنَّما
مالَت بِهِ تَحتَ الغِلالَةِ قَرقَفُ
عَلِّل مُحِبَّكَ بالتَداني إِنَّهُ
إِن رامَ هَجرُكَ وَالتَجافي يَتلُفُ
لا رَقَّ قَلبُكَ لِاِنسِكابِ مَدامِعي
إِن كانَ طَرفي بَعدَ بُعدِكَ يطرَفُ
وَحُرِمتُ وَصلَكَ إِن هَمَمتُ بِريبَةٍ
أَو حالَ قَلبي فيكَ عَمّا تعرفُ
فُقتَ الوَرى حُسناً وَزِدت علَيهم
حَتّى كَأَنَّكَ يوسُفٌ يا يوسُفُ
أَحبابَ قَلبي بِنتُمُ
وَكُلُّ سُؤلي كُنتُمُ
لا أَوحَشَ اللَهُ الحِمى
وَلا العَقيق مِنكُمُ
كَم قَد بَكَيتُ رَبعَكُم
وَكَم سَأَلتُ عَنكُمُ
كَيفَ اِشتِغالي عَنكُمُ
وَكُلُّ شُغلي أَنتُمُ
القُربُ مِنكُم صِحَّةٌ
وَالبُعدُ عَنكُم سِقَمُ
وَكُلَّما ذَكَرتُكُم
يَفيضُ مِن عَيني دَمُ
ضَوءُ نَهاري بَعدَكُم
مِثلَ اللَيالي مُعتِمُ
يا رَبِّ مِن جَورِ النَوى
جُدلي فَأَنتَ الحَكَمُ
سَعَوا بِنا فَلا سَعَت
بِالكاشِحينَ قَدَمُ
رَبيعُ لَذاتِيَ مُذ
فارَقتكُم مُحَرَّمُ
إِنَّ في السِجنِ مُستَهاماً أَسيراً
قَلَّ أَعوانُهُ وَزادَ عَناهُ
كُلَّما قَصَّرَ التَباعُدُ فيها
نالَهُ طالَ في الظَلامِ بُكاهُ