جرجي الكندرجي
شاعر سوري
جُرجي الكُندَرجي الحلبي (1871 - 1918) شاعر سوري. ولد بمدينة حلب ونشأ بها. تلقى دروسه في مدرسة رهبان مار فرنسيس فيها، ثم قصد أسطنبول ودخل المكتب السلطاني ثلاث سنوات يتلقى العلوم واللغات. وعاد إلى مسقط رأسه بعد أن أجاد التركية والفرنسية والإيطالية، بعد العربية. وظف في البنك العثماني فيها، ثم ترك العمل بعد عامين، وبعد مدة قصد باريس، فاشتغل رئيسًا لحسابات محل تجاري كبير. توفي في آركاشون بفرنسا بعد أن ألّم به داء عضال. له ديوان شعر، جمعه شقيقه بعض منتخباته فيها وسماها الزهيرات.
من أشعاره
عدل
| ||
إني وقفتُ بساحة الأهرامِ | والبدر يسطع في الفضاءِ السامي | |
وأجَلْتُ طرفي حولها متنقِّباً | متهيِّباً لجلالة الأجسام | |
مستطلعاً أسرارهَا متسائلاً | عمّا حوت من أعظم الأجسام | |
فبدا ليَ التاريخ في صفحاتهِ | متمثلاً متحركاً قدّامي | |
ورأيت خَلْقاً لا يُعدُّ عديدُهم | يستاقُهم فرعونُ كالأنعام | |
صُفرَ الوجوهِ شعورُهم مغْبرَّةٌ | حُنيَ الظهور لشدة الآلام | |
تعلو القروحُ جلودهم وتسيل من | قممِ الرؤوس لمنبت الأقدام | |
من قَرْع أسواطٍ وشدِّ سلاسلٍ | في جرِّ أثقالٍ ونقلِ رُكام | |
كلٌّ يئنُّ مردِّداً لشكايةٍ | ولِلَعْنةِ المظلومِ للظُلاَّم | |
فكأنما الأحجار أكباد الورى | مرصوصةً والرملُ دمْعُ الرامي | |
وكأنما الأهرامُ شِبْهُ نواجذٍ | شهدتْ لنا بشراسة الحُكّام | |
فدهشتُ ثم سألتُ محتشماً أبا الْـ | ـهَوْلِ الصموتَ الكشْفَ عن إيهامي | |
وهو الأمين لكل سِرٍّ غامضٍ | حرَصتْ عليه جوانحُ الأيام | |
يحمي خبايا العادياتِ كحارسٍ | يقظانَ يحجبُها بستْرِ ظلام | |
فتبسَّم الصنم القديم تعطُّفاً | وأجابني من بعد ردِّ سلامي | |
إن كنت تحسَب ما رأيت حقيقةً | أخطأتَ فهو مُحصَّل الأوهام | |
هذي الشواهقُ شَخَّصَتْ فيما مضى | أثَرَ الحِجَى ومآثرَ الأعلام | |
لو عادتِ الأسلاف يوماً بينكم | لَبَكَتْ على الأخلاق والأفهام |