الشعلة (1933) هي ديوانٌ شعريٌّ للطبيب والشاعِر المِصري، أحمد زكي أبو شادي [1]

مقتطف (الشعلة)

عدل


  «أيُشْعِلُ نيرانَ التَّطاحُنِ غاشمُ ويَغفل عن نشرِ الحقيقة عالمُ؟

هلمَّ يراعي! ولتكنْ أنتَ شعلة تُضيء سبيلَ الرُّشدِ فالرشدُ ناقمُ

لقد كثر العُمْيُ الذين تهافتوا على أن يشقُّوا النَّهجَ والنَّهجُ قاتم

ولو أنّهم أُعطوا الضياءَ تعثروا فما تنفع الأضواءُ واللحظُ نائمُ

وما حظُّهم من ثروة حين حالُهم كحالِ فقيرٍ في يديْه الدراهمُ؟

وكم من أجيرٍ سكَّ مالًا مجدَّدًا فلا هو ذو بأسٍ ولا هو غانمُ

تقدَّمْ يراعي! وانظرِ الحقَّ ناصعًا فلم أر مثل الحقِّ يؤذي المخاصمُ

تنادوْا به والكلُّ يهتفُ باسمهِ وكلٌّ خُصومٌ حوله ومَغارمُ!

لقد صغروا حتى كأنْ لم تكنْ لهم عقولٌ وكادتْ تشمئزُّ الجماجمُ!

وقد جهلوا فهمَ الحياةِ فلم تعدْ تبين لُغى الأحداثِ وهي التراجمُ

وصاحوا وصاحوا، والصَّدَى يُضحك الصَّدَى وما هكذا تُشجَى الليوثُ الضراغمُ

ولو أنَّهم هبُّوا إلى الخير مرةً مع الحِلْمِ لم تعبث بمصر المظالمُ

فهل فُقِدتْ من مصر كلُّ زعامةٍ وهل تَخلق القوادَ فينا المزاعمُ؟!

وما عُرِفَ الأبطالُ يومًا بصيحةٍ ولكنْ هوَى الأبطالِ تلكَ العظائمُ

فيا وطَني لم يَبْقَ إلَّا التفافنا على العَلَمِ المفديِّ والدهرُ راغمُ

لقد نال منَّا في قرونٍ طويلةٍ فأَحْرِ بنا أن لا يُخادَعَ حالمُ

وأحْرِ بِنا أنْ يُنْهِكَ الأرضَ زحفُنا وأن يُعْلِنَ الإقدامَ منا الزَّمازمُ

فأمَّا وماضِي المجدِ أصبح صورةً وماتت كما مُتنا السيوفُ الصوارمُ

فهل يخذل القوادُ حتى بحبهمْ ذويهم؟ وهل دونَ التآخي الدعائمُ؟

لَخيرٌ لنا أن نغتدي دون قائدٍ من الحربِ كلٌّ في ردَاها يُساهمُ

وما أنا مَنْ يَنْسى لهم فضلَ ما مَضى ولا أنا مَنْ يَنْسى الذي هو قادمُ

ولكنَّما هذا التطاحنُ هوَّةٌ تردَّوْا بها فالغانمُ اليومَ غارمُ»  

[2]

  1. الكتب، مؤسسة هنداوي. الشعلة https://www.hindawi.org/books/90402814/
  2. أبو شادي، أحمد زكي. الشعلة. مؤسسة هنداوي، 2013 ص17-19