أبو البقاء الرندي
شاعر وفقيه من الأندلس
أبو البقاء الرندي |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
أعماله في ويكي مصدر |
أبو البقاء الرندي (صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي) من أهل (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته، شاعر.
لكُـلّ شـيء إذا ما تَم نُقصـانُ
فلا يغـرُّ بطيـب العَيش إنسـانُ
هي الأُمـورُ كما شاهَدتُهـا دُوَلٌ
مَن سَـرّهُ زمن سـاءَتـه أَزمـانُ
وهذه الـدارُ لا تُبقـي على أحـدٍ
ولا يَـدُومُ على حَـالٍ لَها شـأنُ
يُمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ
إذا نبت مشْرفيّاتٌ وخُرصانُ
وينتضي كلّ سيف للفناء ولوْ
كان ابنَ ذي يزَن والغمدَ غُمدان
أين الملوك ذَوو التيجان من يمنٍ
وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ ؟
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ
وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ ؟
وأين ما حازه قارون من ذهب
وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ ؟
أتى على الكُل أمر لا مَرد له
حتى قَضَوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلِك
كما حكى عن خيال الطّيفِ وسْنانُ
دارَ الزّمانُ على (دارا) وقاتِلِه
وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصَّعب لم يسْهُل له سببُ
يومًا ولا مَلكَ الدُنيا سُليمانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة
وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها
وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاءَ له
هوى له أُحدٌ وانهدْ ثهلانُ
فاسأل (بلنسيةً) ما شأنُ (مُرسيةً)
وأينَ (شاطبةٌ) أمْ أينَ (جَيَّانُ)
وأين (قُرطبة)ٌ دارُ العلوم فكم
من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين (حْمص)ُ وما تحويه من نزهٍ
ونهرهُا العَذبُ فياضٌ وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما
عسى البقاءُ إذا لم تبقَ أركانُ
تبكي الحنيفيةَ البيضاءُ من ! ;أسفٍ
كما بكى لفراق الإلفِ هيمانُ
حيث المساجد قد صارت كنائسَ ما
فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصُلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ
حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ
إن كنت في سِنَةٍ فالدهرُ يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ
أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ ؟
تلك المصيبةُ أنستْ ما تقدمها
وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاق الخيلِ ضامرةً
كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيُوفَ الهندِ مرهفةُ
كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ
لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ
فقد سرى بحديثِ القومِ رُكبانُ ؟
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم
قتلى وأسرى فما يهتز إنسان ؟
ألا نفوسٌ أبَّاتٌ لها هممٌ
أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهمُ
أحال حالهمْ جورُ وطُغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم
واليومَ هم في بلاد الكفرِّ عُبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ
عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ
لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمّ وطفلٍ حيلَ بينهما
كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةً مثل حسنِ الشمسِ إذ طلعت
كأنما هي ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً
والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يبكي القلبُ من كمدٍ
إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
يا سالب القلب
عدليا سالب القلب منـي عندما رمقـا
لم يبق حبـك لي صبـرا ولا رمقـا
لا تسأل اليوم عما كابدت كبـدي
ليت الفراق وليت الحـب ما خلقـا
ما باختيـاري ذقت الحـب ثانيـة
وإنمـا جـارت الأقـدار فـاتفقـا
وكنت في كلفي الداعـي إلى تلفـي
مثل الفراش أحـب النـار فاحترقـا
يا مـن تجلـى إلى سـري فصيرنـي
دكا وهـز فـؤادي عنـدما صعقـا
ألثام شف
عدلأَلثـامٌ شَـفَّ عـن ورد نــد
أم غمـام ضحكـت عن بَـرَدِ
أم علـى الأزرار مـن حُلَّتهـا
بـدرُ تـمَّ في قضيـب أَملَـدِ
بـأبـي ليـن لـه لـو أنـه
نـقلـت عطفتـه للـخلــد
لا وألحـاظ لـهـا سـاحـرة
نفثـت في القلـب لا في العقـد
لا طلبـت الثـأر منهـا ظالمـا
وأنـا القاتـل نفسـي بيـدي
نظـرت عينـي لحينـي نظـرة
أخذت روحي وخلت جسـدي
هـاتـها بالله فـي مرضـاتـها
قهـوة فيهـا شفـاء الـكمـد
عصرت باللطف في عصر الصبـا
فرمـت بالـمسـك لا بالزبـد
ما درى مديرهـا فـي كأسهـا
وهـي مثـل البـارق الـمتقـد
درة ضمـت علـى يـاقـوتـة
أم لجيـن فيه ثـوب عسجـدي
سقنـي غيـر مليـم إننـــي
حنفـي الـرأي والـمعتقــد
لا أرى بالسكـر إلاّ من هـوى
أو هبـات الـملك الـمؤيـد
مـلك الـعليـا ولـو أنصفتـه
فـفتحـت اللام لـم أفـنـد